{الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ} أي: البيِّن حلاله وحرامه، وحدوده وأحكامه. قال قتادة: مبين- والله- بركتُه وهداه ورشدُه، فهذا مِنْ بان أي: ظهر.وقال الزجاج: مبيّن الحق من الباطل والحلال من الحرام، فهذا من أبان بمعنى أظهر.{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} يعني: الكتاب، {قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} أي: أنزلناه بلغتكم، لكي تعلموا معانيه، وتفهموا ما فيه.{نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ} أي: نقرأ عليك {أَحْسَنَ الْقَصَصِ} والقاصُّ هو الذي يتبع الآثار ويأتي بالخبر على وجهه.معناه: نبّين لك أخبار الأمم السالفة والقرون الماضية أحسن البيان.وقيل: المراد منه: قصة يوسف عليه السلام خاصة، سماها أحسن القصص لِمَا فيها من العِبَر والحِكَم والنُّكَتِ والفوائد التي تصلح للدين والدنيا، من سِيَرِ الملوك والمماليك، والعلماء، ومكر النساء، والصبر على أذى الأعداء، وحسن التجاوز عنهم بعد الالتقاء، وغير ذلك من الفوائد.قال خالد بن معدان: سورة يوسف وسورة مريم يتفكه بهما أهل الجنة في الجنة.وقال ابن عطاء: لا يسمع سورة يوسف محزون الا استراح إليها.قوله عز وجل: {بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} ما المصدر، أي: بإيحائنا إليك، {هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ} وقد كنت، {مِنْ قَبْلِهِ} أي: قبل وحينا {لَمِنَ الْغَافِلِينَ} لمن الساهين عن هذه القصة لا تعلمها.قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: أنزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلاه عليهم زمانا فقالوا: يا رسول الله لو حدثتنا، فأنزل الله عز وجل: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ} [الزمر- 23] فقالوا: يا رسول الله لو قصصتَ علينا، فأنزل الله عز وجل: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} فقالوا: يا رسول الله لو ذكرتنا، فأنزل الله عز وجل: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} [الحديد- 16].